Friday 23 April 2010

هل إلهي إله حقيقي وإلههم إله مزيف ؟؟

هل إلهي إله حقيقي وإلههم إله مزيف؟
أحلام اكرم

GMT 6:59:00 2010 السبت 13 فبراير



يغزو التعصب الديني جميع الدول.. ولكنه وللأسف الشديد يغزو فقراء تلك الدول فيضيف إلى فقرهم المادي جهلا يجعلهم أكثر طوعا وتقبلا للأساطير الدينيه... والتي يستفيد منه رجال الدين في كل الأديان حيث تسهّل لهم عمليه الإستئثار بالمال والسلطه، أسهل بكثيرا من شعوب تعيش في مجتمع راق ومفكّر ومتحضر.. وبرغم تنافس علماء الأديان من كل دين في إبعاد صفة التعصب والراديكالية عن دينه في القرن الحادي والعشرون.. قرن الإنترنت والسفر السهل والسريع والشاشات التلفزيونيه.. التي تترك المجال مفتوحا وواسعا للمشاهد الباحث عن الحقيقه في الحكم بنفسه على هذه الأساطير.. وعلى ما ينتظره من مستقبل قاتم في ظل تنافس أساطير هذه الأديان..
لم يقتصر هذا التعصب والتبشير على الديانه الإسلاميه وحدها.. خاصة وأن صور القنابل الإنتحاريه تجعل من الصعب محوها من أذهان المشاهدين.... وذلك لإستمرار وجود المدارس الدينيه التي موّلتها معظم شعوب الدول النفطيه.. والتي وفي حين رفضت التعامل بالربا.. حوّلت فوائد إستثماراتها النقديه لتمويل هذه المدارس في دول فقيره معدمه بدون أن تعي بنوعية مثل تلك المدارس.. وبدلا من أن تعمل على بناء بنية تحتيه إقتصاديه.
تضمن فرص عمل شريف لأبناء تلك الدول بحيث تبعد شبح الفقر الملازم للتطرف والراديكاليه بدل تطرفهم والذي أساسه الفقر.. وإنعدام الأمل في المستقبل.. عملت على إستقطاب أكبر عدد منهم ليكونوا قنابل بشريه تخيف العالم من الإسلام السياسي. ومن الإسلام كدين أيضا!!

وطال هذا التعصب الديانه الهندوسيه والتي تعتبر إحدى الديانات المسالمه جدا والتي وفي حين ترفض قتل الحيوان برغم فقر شعوبها المقدع.. بررت عنفها ضد معتنقي المسيحيه من المواطنين الهنود أنفسهم.. ففي تقرير ال بي بي سي يوم 13 أكتوبر 2008 قام بعض من معتنقي الديانه الهندوسيه المتعصبين بهجوما عنيفا مسلحا بالهروات والعصي على قرية مسيحية قاموا خلاله بحرق بيوتهم وكنائسهم وإجبارهم على النزوح من قراهم وموطنهم.. مع السماح لكل من يتحول منهم إلى البوذيه بالبقاء..
نفس هذا التعصب الأعمى أراه حين يهاجر الأميركي الذي يعتنق اليهوديه إلى الأرض المحتله مدّعيا أن الله وعده وأعطاه تلك الأرض وأن عودته هذه التي تسمى ب (عاليه) أي الوصول والتقرب من الله.. حتى وإن كانت هجرته على حساب شقاء وبؤس الفلسطيني
الذي ترفض معظم دول العالم هجرته إليها ولا يرى مكانا آخرا له على هذه الأرض... هي إرتقاء روحاني وتقرّب إلى الله!!!
ونفس هذا التعصب أشاهده الآن في تقرير من إحدى المحطات التلفزيونيه الألمانيه عن مجموعه من الأميركيين من طائفة الجنوب المعمدانيه المعروفون باليمينيين المتطرفين يعتقدون بانهم مكلفون بنشر كلمة الرب وأنهم مستعدون للجهاد وللتضحية بأرواحهم لأنهم يعتبرون ما يقومون به من تبشير بالديانه المسيحيه بحرب مقدسه ضد الإسلام.. يتحدثون عن الجهاد ويرون أنفسهم كشهداء في معركة مقدسه ضده وإعتقادهم بان كل الأديان الأخرى عدا مسيحيتهم إنما هي هرطقة!! ويعملون بدأب وفق خطة تبشيريه لتنصير مسلمي العراق.. وربما مسلمي العالم...

في لقاء تلفزيوني مع احدهم وحين بين له المذيع بأن عمله التبشيري هذا قد يكلف المتحول عن الإسلام حياته نظرا لقوانين الدول المسلمه بأن من يرتد عن الإسلام جزاؤه القتل.. كان رده.. حتى وإن أودى التغيير في الدين بحياة الشخص على الأرض فهو ثمن رخيص بالمقارنه مع ما ينتظره في الحياة الآخره من عفو عن ذنوبه الدنيويه..
في إحدى زياراتي لعائلتي في الضفة الغربيه وعن طريق تل أبيب... إستوقف مكان ولادتي في جوازي السفر البريطاني والذي لا تذكر فيه الديانه.. موظفة الهجره الإسرائيليه التي وربما لم يعجبها شكلي.. سألتني ما دينك.. وببرود وبساطة متناهية أجبتها بأن هذا السؤال خارج عن شأنها.. مما أحرجها شيئا ما. فأجابتني بأن سؤالها فقط كان من باب حب الإستطلاع.. ومرة أخرى وببرود قاتل.. أجبتها بأن كل منا ولد ليحمل دين أبائه وأجداده.. ولم يكن لدى أي منا الخيار في دينه..
سيدي القارىء..
كل ما سبق يؤكد لي بأن ثورتنا ضد التعصب الأعمى للأديان في القرن الحادي والعشرين أصبحت ضروريه وحتميه.. لقد كانت الكتب السماوية ثورة في حينها لتنظيم وإرتقاء المجتمعات.. ولكن كل هذه الكتب بحاجه ماسه إلى - إما ان توضع جانبا في الكنائس والجوامع ودور العباده الأخرى.. وإما أن نجرؤ على الدخول في عملية نقد حقيقية وموضوعيه لإكتشاف إلههنا وإلههم... وإذا ما كانا هما نفسهم.. أي إله واحد يعمل على ربطنا بإنسانية واحده لا تفرق وتخدم مصالحنا في عالم مفتوح الحدود..
أنا لا أدعو إلى التخلي عن الدين. ولكني أدعو إلى التمعن في الدين.. بل وفي كل الأديان.. والإعتراف بأن لكل دين جذور عميقه في تكويننا الثقافي.. وأن الدين ما كان إلا إنعكاسا لواقع المجتمعات في ظروف تختلف عن ظروفنا.. وأن قيمة الحياه في أي مكان في هذا العالم الصغير.. هي تحرير العقل.. للإعتراف بأنه وبرغم كل شيء فإن التمسك بإنسانيتنا هو الطريق الوحيد للخروج من ظلمات التفرقه والإختلافات الأخرى التي يروج لها مبشري الديانات.. وأن هذه الإنسانيه هي مفتاحنا إلى الحريه والمساواه.. هي مفاتيح العالم كله للتطور و التقدم.. وإلى الديمقراطيه. التي هي مفتاح التطور والتقدم.. ومفتاح رقينا وترابطنا الإنساني..
في خلال كتابتي.. تذكرت حلقة المذيع الأميركي لاري كنج.. ففي مقابلة له مع أربعه من رجال الدين.. اليهودي والمسيحي والمسلم والبوذي بعد أيام قليله من 11 سبتمبر.. سألهم في سياق الحوار.. ماهو الله. ومن هو الله.. وانبرى كل منهم ليعبر بكلماته عن الله في ديانته.. واختصرها البوذي في كلمة واحده.. الله هو المحبه.
مرة أخرى.. هل إلهي إله حقيقي وإلههم إله مزيف؟
أحلام اكرم

GMT 7:15:00 2010 الإثنين 15 فبراير



ما إن نشرت مقالتي الأولى بعنوان "هل إلهي إله حقيقي وإلههم إله مزيف" حتى وجدت تعليقين يدخلان في صلب الموضوع.. وهو التعصب الديني..
التعليق الأول تفادى الخوض في صلب الموضوع واقتصر على "لا يعقل أن يدار هذا الكون العظيم التناسق والتكامل بهذه الروعة في التنظيم ان لم يكن بإرادة واحدة عظيمة و هي (لا اله الا الله! ).
اما الآخر.. فبعد إنتهائه من الطعن المؤلم في الديانه المسيحية غير عابئ بما سيسببه هذا الطعن من ألم للمسيحيين ومن الدخول مرة أخرى في متاهات وجدالات في من هو الدين الأمثل..؟؟ يقول..
""حذّر المسيح عليه السلام تلامذته، واتباعه، من المزّورين، والكذابين، الذين سيأتون من بعده، وبشرهم برسول من بعده، إسمه أحمد ( البارقليط )، عليه الصلاة والسلام. الاسلام، دين الحق، والصواب، والتوحيد، والهداية، دين، وجوهر الرسالة التي آتى بها، جميع الانبياء، والمرسلين، الدين الاوحد، والوحيد، الذي إرتضاه الخالق، عز وجل، لكافة خلقه، دين العدل، والمساواة، والرحمة، والمغفرة، دين الطهارة، والعفاف، دين الفطرة، والطبيعه، والعلم، والعقل، والمنطق، والتقدم، والحضارة، والبساطة، والوضوح، الدين القّيم، القويم، والصراط المستقيم، دين الفلاح، والصلاح، والنجاح، في الدنيا، والاخره. هدانا الله، واياكم، الى ما يحبه، ويرضاه، إنه قريب سميع مجيب الدعوات رب العالمين""
سيدي القارئ..
هل حقا ان الإسلام هو الدين الأوحد؟؟ كلنا نعرف أنه ليس الأوحد.. وأن هناك أديان أخرى جاءت قبله واعترف بها... وأخرى جاءت بعده.. ولكل من هذه الأديان حق الإحترام منا جميعا.. ولكن وفي ثورة الإتصالات أنا أؤمن بضرورة فصلها عن الدوله.. والأخذ بإنسانيتنا المشتركة لنتعايش ونعيش في أمن وأمان..
وهل هو فقط الدين الذي ارتضاه الخالق عز وجل لكافة خلقه؟؟ إذا كان ذلك فكيف تكون هناك أديان أخرى في أماكن أخرى من هذا العالم؟؟
وهل يختلف الإله من بقعة جغرافية لأخرى؟؟
في رحلة قمت بها الصيف السابق إلى مجموعة دول في جنوب شرق آسيا.. للبحث من زاوية الحقوق عن أثر الثقافه والتقاليد في الدين.. وأثر كلاهما على حقوق المرأة بالتحديد.. وجدت الترابط القوي بين الديانات والثقافات المحلية والتي معظمها بنى وتأسس على الأسطورة في حياة الشعوب.. وخاصة أثر الأسطوره في عهود بدائية وجله تخاف من المجهول..
ولكن الأهم الذي كان نتيجة بحثي.. هو الأثر الكبير والذي يحتل المساحة الأكبر في تشكيل الدين وهو إمتزاج تعاليمه بالتقاليد الموجوده حتى تضمن قبوله من الأغلبية في المجتمعات.. ومع سطوة التكرار الأعمى ودخولها في اللاوعي.. تصبح مقبوله ومعترف بها حتى وإن تعارضت مع العقل أو المنطق..
فعلى سبيل المثال.. في التيبيت التي وصلت إليها الديانة البوذية في القرن السابع.. واعتنقها معظم سكانها.. تتلون هذه الديانه كثيرا لتنسجم مع عادات وتقاليد كانت موجودة بالقطع قبل وصولها.. من ذلك مثلا حق المرأه في الزواج بأكثر من رجل.. ولكن هذا الحق اصطبغ بصبغة التقاليد بحيث أصبح مألوفا ومقبولا زواجها من ذكور العائله في المجتمع.. فالأسره التي تتكون من ثلاثة إخوة.. يستطيع هؤلاء الأخوة الزواج من إمرأه واحده.. حفاظا على ثروة الأسره وحفاظا على الترابط الأسري.. لأن لا أحد يستطيع التعرّف على من هم أبناؤه... وبالتالي تبقى الثروة حق للجميع..
أما في مملكة البوتان.. وهي دولة نائية صغيرة جغرافيا وتقع بين الهند والصين في جبال الهملايا الشاهقة.. تعرف هناك بأرض الرعود.. يرتبط فيها القرن الحادي والعشرون بما فيه من مظاهر التقدم من سيارات وبنيه تحتيه ومواصلات تربط المدن بالقرن العاشر وهي الصبغة الأعم بما فيه من جهل وقنوع وإعتقاد تام بالأسطورة حيث يعتقد بأن البوذية وصلتها عبر قديس بوذي في القرن السابع طار إليها على جناح أحد الطيور الكبيره.. واستقر على جبل عال وعليه يعتقدون أن القرب من الإله أو الله في عقيدتهم يتم عبر تحمل الكثير من المصاعب والمشاق للوصول إلى ذلك المعبد... وبالتالي بناء كل المعابد على جبال عاليه وكلما كان الصعود إليها للتعبد مرهقا كان الإنسان قريبا في ذلك من الله..!!
وهنا أيضا تجد كيف لوى البوتانيون الدين ليتناسب مع الثقافة التي كانت سائده قبل وصوله.. والتي أساسها أيضا الحفاظ على الترابط الأسري.. فالذكر لا يرث أبويه.. بل إن الأنثى هي وحدها وريثة الأبوين.. فمن المتعارف عليه قدرة المرأه على العطاء والبذل في سبيل من تحبهم وعليه فإنها الوريثة الوحيده لأبويها.. لأنها تبقى معهم وترعاهم حتى مماتهم.. ومن المألوف والمقبول إجتماعيا أنها حين تتزوج ينتقل الزوج ليعيش معها في بيت والديها. وفي حالة وجود أكثر من إبنه فإن من حق الوالدين الإشتراط على الرجل الزواج بكل بناتهن.. حفاظا على الترابط الأسري..
وأن الملك السابق تزوج بأربع أخوات وتنازل طواعية عن العرش لإبنه خريج أكسفورد الذي لم يتجاوز الثلاثين.. وكلاهما يعمل على تغيير هذه العادات ويعترف لشعبه بخطأ الزواج بأكثر من إمرأة.. ويحث رعاياه على عدم الزواج بأكثر من واحدة في محاولة أولية لتغيير القوانين..!!
سيدي القارىء..
من هنا أتساءل.. لماذا هذا التعصب الأعمى الذي قرأته من خلال التعليقات ومناقشات القراء؟؟؟ كل له دينه.. وإحترامه حق خلقي علينا جميعا.. ولكني أتساءل هنا.. هل حقا أن الإسلام فقط دين الصواب.. أم أنه وكبقية الأديان الأخرى جاء لتنظيم المجتمع في حقبة غابره.. تعايش خلالها مع الكثير مما كان معمولا به.. وأنه وكبقية الأديان يجب إما إخضاعه للبحوث الموضوعية الجادة.. وإما إبقاؤه في صدور المؤمنين.. وفي الجوامع.. بحيث ننتهي من هذا التعصب.. تماما وكما نعيش في الغرب..

لقد وجدت ومن خلال الأبحاث التي قمت بها عن الإسلام في العديد من الكتب.. وخلافا لما كنت تلقنته ولا يزال يلقن حتى يومنا هذا في المدارس.. وجدت بأن الإسلام أيضا ومن أجل نشر الدعوة والقبول بها.. تماشى مع العديد من العادات التي كانت موجودة أصلا آنذاك.. فعلى سبيل المثال.. تماشى الإسلام مع ما كان سائدا في موضوع تعدد الزواجات وفي موضوع إقتناء الجواري.. وإن ما فتق فقهاء الدين بمحاولة التبرير بكل ألأشكال.. ولكن أين العدل في هذه الزواجات.. وأين المساواة بين المرأة الحرة والمرأ الأمة؟؟ حقيقة أن أهم ما جاء به الإسلام آنذاك هو الحق النصفي للمرأه لوراثة أبويها " للذكر مثل حظ الأنثيين "" وهو ما كانت المرأه اليهوديه والمسيحيه محرومة منه.. ولكنه وفي المقابل لم يتحد التقاليد المعمول بها آنذاك في رجم الزانية.. ولم يحرمها تحريما قطعيا كما في "" تحريم الدم والميتة ولحم الخنزير ""..
إن أهم ما يحسب للإسلام هو قدرته على توحيد القبائل في فترة زمنيه كان الغزو والسلب من أجل الحياة هو السائد.. وبعد التوحيد بنى بنيه تحتيه أساسيه من التعاطف والمشاركه في الأرزاق عن طريق الزكاه.. وهو ما كان مناسبا لتلك الفترة الزمنية بحدودها الجغرافيه المحدده.. أما في عالم اليوم الواسع فلم تعد تلك التنظيمات تتواءم مع متطلبات العصر.. وأصبحنا بحاجة ماسة إلى ترسيخ الديمقراطيه الحقه التي تضمن بناء بنيه تحتيه معيشية تكفل حماية الكرامه الإنسانية..
التعصب الأعمى هو ما حاولت قدر إستطاعتي أن أبين أضراره على مجتمعاتنا المعولمة بفعل الشاشات التلفزيونيه والسفر.. وهو الخطر الذي يواجهننا جميعا في هذا القرن.. ولكن الفرق أنه لا يدخل في السياسات الغربية.. بينما يجاهد فقهاء الدين.. لتجهيل الشعوب في حقها في الحرية والعدل والمساواة.. حقها في المواطنة الكامله في اوطانها.. وحقنا جميعا بالأمن والسلام لخلق مستقبل أفضل لكل أبنائنا...
وبرغم كل ما قرأته في الحرب الكلاميه بين المعلقين على مقالتي السابقة.. سأبقى أحارب هذا التعصب بكل ما أستطيع من منطق وعقلانية.. لأني أؤمن بأن الله موجود الله في ضمائرنا.. حين نحترم حرية الآخر في الإعتقاد.. وفي مساواتنا جميعا بلا تمييز أمام القوانين.. وحق كل إنسان في العدالة..... نعم الديمقراطية هي الحل الأمثل والأوحد لحمايتنا جميعا من الشيطان الذي يوسوس في صدورنا بأننا الأفضل.. والأجمل.. وأننا نستحق كل شيء وليذهب غيرنا المختلف إلى الجحيم!!!

باحثه وناشطه في حقوق الإنسان

No comments:

Post a Comment